سورة المطففين - تفسير تفسير القشيري

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (المطففين)


        


أي: غَطَّى على قلوبهم ما كانوا يكسبون من المعاصي , وكما أنهم- اليومَ- ممنوعون عن معرفته فهم غداً ممنوعون عن رؤيته. ودليلُ الخطابِ يوجِبُ أن يكونَ المؤمنون يََرَوْنَه غداً كما يعرفونه اليوم.


{عِلِّيِّينَ} أعلى الأمكنة، تحمل إليه أرواح الأبرار تشريفاً لهم وإجلالاً.
ويقال: إنها سِدْرة المنتهى. ويقال: فوق السماء السابعة. كتابٌ مرقوم فيه أعمالهم مكتوبة يشهده المقربون من الملائكة.


{إِنَّ الأَبْرَارَ لَفى نَعِيمٍ}.
اليومَ وغداً: اليومَ في رَوْحٍ العرفان، وراحةِ الطاعة والإحسان، ونعمةِ الرضا وأُنْسِ القُربة وبَسْطِ الوصلة. وغداً- في الجنة وما وُعِدوا به من فنون الزلفة والقربة.
قوله جلّ ذكره: {عَلَى الأَرَآئِكِ يَنظُرُونَ}.
أثْبَتَ النظرَ ولم يُبَيَّنْ المنظور إليه لاختلافهم في أحوالهم؛ فمنهم من ينظر إلى قُصُوره. ومنهم من ينظر إلى حُرِه، ومنهم ومنهم.... ومنهم الخواصُّ فهم على دوامِ الأوقات إلى الله- سبحانه- يَنْظُرون.
قوله جلّ ذكره: {تَعْرِفُ فِى وُجُوهِهِمْ نَضْرَةَ النَّعِيمِ}.
مَنْ نظر إليهم عَلِمَ أنَّ أثََرَ نَظَرِه إلى مولاه ما يلوح على وجه من النعيم؛ فأحوال المحبِّ شهودٌ عليه أبداً. فإنْ كان الوقتُ وقتَ وصالٍ فاختيالُه ودلالُه، وسرورُه وحبورُه، ونشاطُه ونبساطُه. وإِنْ كان الوقتُ وقتَ غيبةٍ وفراق فالشهودُ عليه نحولُه وذبولُه، وحنينُه، ودموعُه وهجوعُه , وفي معناه قلت:
يا مَنْ تَغَيُّرُ صورتي لَمَّا بدا *** لجميع ما ظنوا بنا تحقيقُ
وقلت:
ولمَّا أتَى الواشين أنِّي زُرْتُها *** جَحَدُتُ حذاراً أنْ تَشِيعَ السرائرُ
فقالوا: نرى في وجهِك اليومَ نضرةً *** كَسَتْ مُحيَّاك.. وهاذاك ظاهِرُ!
وبُرْدُكَ لا ذاك الذي كان قبلَه *** به طِيبُ نَشْرٍ لم تُشِعْهُ المجامِرُ
فما كان منِّي من بيانٍ أُقيمه *** وهيهات أن يخفي مُريبٌ مساتِرُ!
قوله جلّ ذكره: {يُسْقُوْنَ مِن رَّحِيقٍ مَّخْتُومٍ خِتَامُهُ مِسْكٌ وَفِى ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ}. {مَّخْتُومٍ} أي رحيقٌ لا غِشَّ فيه.
ويقال: عتيقٌ طَيِّبٌ.
ويقال: إنهم يشربون شراباً آخره مِسْكٌ.
ويقال: بل هو مختومٌ قبل حضورهم.
ويقال: {خِتَامُهُ مِسْكٌ}. ممنوعٌ من كلِّ أحدٍ، مُعَدٌّ مُدَّخَرٌ لكلِّ أحدٍ باسمه.
{وَفِى ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ}. وتنافُسُهم فيه بالمبادرة إلى الأعمال الصالحة، والسباقُ إلى القُرْب، وتعليقُ القلبِ بالله، والانسلاخُ عن الاخلاقِ الدَّنِيَّة، وجَوَلاَنُ الهِمَمِ في الملكوت، واستدامةُ المناجاة.
قوله جلّ ذكره: {وَمِزَاجُهُ مِن تَسْنِيمٍ عَيْناً يَشْرَبُ بِهَا الْمُقَرَّبُونَ}.
{تَسْنِيمٍ}: أي: عينٌ تسَنَّمُ عليهم من عُلُوٍّ.
وقيل: ميزابٌ يَنْصَبُّ عليهم من فوقهم.
ويقال: سُمِّي تسنيماً؛ لأن ماءَه يجري في الهواء مُتَسَنِّماً فينصبُّ في أواني أهل الجنة؛ فمنهم مَنْ يُسْقَى مَزْجاً، ومنهم مَنْ يُسْقى صِرْفاً....الأولياء يُسْقَون مزجاً، والخواصُ يُسْقَون صِرْفاً.

1 | 2 | 3